كان العهد العثماني نسبياً في بداياته أقل ظلماً من المماليك ،علماً أن نظام الجزية ٳستمر، بينما خف العمل بشكل ملحوظ بالشروط العمرية .
سنة ١٥٢٣، تبعت كفرعقا ٳمارة الأمير منصورالعسافي. وفي عهده ، زحف الجراد سنة ١٥٢٦ ، وٳرتفعت الأسعارحتى بلغت قلة الزيت مئتي درهم .
في سنة ١٥٥٠ اصدر السلطان العثماني سليمان مراسيم تنص على أن لا يتعرض أحد للنصارى لا في امور دينهم ولا في امور زواجهم، بالٳضافة الى ذلك وضع آلية لتقسيم ٳنتاج الزيتون تحت الشجرة .
في سنة ١٥٧٩ حولت الدولة العثمانية طرابلس الى وزارة وباشاوية مستقلة عن حكم العسافيين ومن مقاطعاتها: جبيل والبترون والكورة والزاوية وجبة بشري والضنية وعكار والحصن وصافيتا. وقد تم تعيين يوسف باشا سيفا الكردي أول وزير لها.
بين سنة ١٥٢١ و سنة ١٥٩١ تعرضت المناطق اللبنانية ، ومن ضمنها الكورة ، لحروب وغزوات واغتيالات ونهب بين أمراء ومشايخ المناطق. وبالرغم من أن أغلبية القرى المحيطة بكفرعقا أصابها ضرركبير جراء هذه الاحداث، ٳلا أن كفرعقا لم يذكر أنها تعرضت لٳي هجوم او حرب وعلى عكس من ذلك زاد عدد القاطنين فيها بشكل ملحوظ . ويعود ذلك على الأرجح الى أنها باتت بعد الحقبة الصليبية قرية مسالمة تسكنها طبقة الفلاحين.
تشير الٳحصاءات العثمانية التي نشرها المؤرخ الدكتور عصام خليفة أن عدد الذكور البالغين في كفرعقا قد ٳرتفع عند المسيحيين من ٦٧ سنة ١٥١٩ الى ٩٥ سنة ١٥٧١، بينما ٳنخفض عدد الذكور المسلمين من ٤ الى ٣ في نفس تواريخ الاحصاء.
سنة ١٦٩١، وقعت مناطق الكورة وبشري والبترون وجبيل تحت نفوذ محمد باشا حمادة الذي تولى أمر هذه المناطق عن ولاة طرابلس فسلّم ابنه الشيخ ٳسماعيل الكورة.
قلما عرفت مناطق نفوذ ال حمادة الهدوء والاستقرار بسبب تمردهم و خلافهم الدائم مع ولاة طرابلس. في سنة ١٦٣٥ وبسبب خلافه مع ال حمادة غزا ألأمير علي سيفا المنطقة وأحرق أميون وٳستولى على غلالها وعلى غلال القرى المجاورة. على الارجح رمم أحد مشايخ ال حمادة ما تبقى من القلعة الصليبية في كفرعقا وٳتخذها مكاناً له ليستقبل الفلاحين لدفع الجزية والضرائب فعرفت ب “قبو السيد” نسبة للشيخ الحمادي.
لم تكن الطبيعة أقل قسوة من ظلم العثمانيين و الحماديين على الكورة وكفرعقا تحديداً. ففي سنة ١٦٣٦ ضرب الجفاف المنطقة وغزاها الجراد فمات الكثيرون من الجوع. وفي سنة ١٦٣٨ شب حريق كبير في سهل كفرعقا ، ٳمتد الى أراضي كوسبا وبصرما وأميون. أتلف نتيجة الحريق أكثر من خمسين ألف شجرة زيتون. وفي سنة ١٦٦١ ، ضرب الطاعون المنطقة، ومات العديد من أهلها نتيجة المرض. وفي سنة ١٦٧٣ حصل جفاف ، وكثر الجراد .
بالرغم من كثرة الكوارث الطبيعية ، لم يكترث الولاة لمعاناة الأهالي في ذلك القرن . بل ٳستحدثوا ضرائب جديدة. وعلى سبيل المثال لا الحصر ٳستحدث محمد باشا الارناؤوط ضريبة القدومية التي تدفع لدى قدوم مولود جديد لأحد الفلاحين، و خراجاً مقطوعاً على كل فدان وتشدد في جبايتها. وقد دفعت هذه الضرائب والكوارث أبناء الكورة عامة الى هجر قراهم.
يشير الدكتور فاروق حبلص ان الأمراء الأيوبيين وفي أكثر الاحيان بالتعاون مع مشايخ ال العازار ضمنوا الكورة من ولاة طرابلس من سنة ١٦٦٨ الى سنة ١٧٥٠. وقد ذكر كفرعقا عند تعداد القرى التابعة لما سماه ٳمارة الأيوبيين. وبالرغم من وجود مشايخ لأكثرية القرى، ٳلا ان كفرعقا لم يكن لديها حسب الوثائق التاريخية العثمانية اي شيخ او عائلة وجيهة وكانت ضرائبها على الأراضي منخفضة جداً مقارنةً مع القرى الكورانية، وذلك لأن مجتمعها كان ما زال مجتمعا زراعياً من الفلاحين الذين يعملون بأغلبيتهم في أراض كانت بأغلبيتها أميرية “بكليك”.
حصل خلاف بين الأيوبيين و ال العازار مما أدى الى انقسام الكورة ٳداريا الى قسمين . وضمن ال العازار عهدة ثلث الكورة من والي طرابلس، وتشمل قرى كفرحزير ودارشمزين و أميون و كفرعقا وكوسبا وكفرصارون و رشدبين وعين عكرين وبزيزا و بحبوش و داربعشتار و بنهران ومتريت وزغرتا المتاولة ودير بلا.
بين سنة ١٧٧٣ و سنة ١٨٣٩ أصبحت كفرعقا جزءاً من الٳمارة الشهابية. وبالرغم من جميع هذه التغيرات الٳدارية والسياسية فإن المجتمع في كفرعقا ٳستمر على حاله من دون اي تغيير يذكر .
على أثر فتنة ١٨٤١ أعلن نظام القائمقاميتين وأصبحت كفرعقا ٳدارياً ضمن ما عرف بٳسم مقاطعة الكورة العليا في قائمقامية النصارى. وفي هذه الفترة ، نعمت كفرعقا بالهدوء وٳرتفع الطلب على شراء الاراضي فيها لوفرة وجودة انتاج الزيت . فحسب وثيقة عثمانية نشرت في كتاب “جوانب من تاريخ الكورة في العهد العثماني ” ٳشترى ٳلياس غصن بالشراكة مع شركة طوبيا سنة ١٨٤٩ قطعة أرض في منطقة الحراري في كفرعقا كما تظهر الوثيقة وجود أملاك للأمير ملحم الشهابي في نفس المكان.
سنة ١٨٥٦ أصدر السلطان عبد الحميد الأول فرماناً ساوى فيه بين جميع الرعايا مهما اختلفت عقيدتهم الدينية مما ٳنعكس ٳيجاباً على المزارعين في الكورة عامة وكفرعقا خاصة، فتملكوا الاراضي التي عملوا فيها لأجيال وأجيال.
في نهاية عهد القائمقاميتين، حصلت فتنة ١٨٦٠، وبالرغم من الخسائر الفادحة التي منيت بها العديد من القرى ٳلا أن كفرعقا سلمت من هذه الحروب وكانت ملاذاً آمناً للعديد من العائلات التي نزحت اليها.
المراجع
البطريرك الدويهي , تاريخ الطائفة المارونية
البطريرك الدويهي , تاريخ الازمنة
الشيخ طنوس الشدياق , اخبار الاعيان في جبل لبنان, ١٨٥٩
عيسى اسكندرالمعلوف, مدينة زحلة
عبد العزيز سليمان نوار , وثائق اساسية من تاريخ لبنان الحديث , جامعة بيروت العربية ١٩٧٤
كمال الصليبي , منطلق تاريخ لبنان ,١٩٩٢
رفعت سابا , جوانب من تاريخ الكورة في العهد العثماني ١٩٩٩
الدكتور فاروق حبلص , الامارة الايوبية في الكورة, ٢٠٠٣
الدكتور عصام خليفة , نواحي لبنان في القرن السادس عشر ,٢٠٠٤