في عهد المتصرفية، بدأ المجتمع الزراعي المحافظ في كفرعقا بالتطور التدريجي البطيء . فقد ساعدت عوامل عدة في ٳحداث التغيير نذكر منها امتلاك الفلاحين للأراضي، وبدء أبنائهم بتلقي العلم بالٳضافة الى جو الحرية الجديد.

على الأرجح تم في هذه الفترة الزمنية ٳعادة ٳعمار كنيسة مار جرجس حسب تصميمها الأساسي الصليبي وٳستخدمت حجارة القلعة الصليبية في بناء الاحياء القديمة من البلدة . وهذا ما يفسر كيف أكد عالم الآثار الفرنسي إيمانويل غوييّوم راي الذي زار كفرعقا حوالي سنة ١٨٥٩ وجود آثار للقلعة الصليبية بينما ٳبراهيم بك الأسود يؤكد سنة ١٩٠٦ عدم وجود آثار في البلدة.

في هذا العهد إستعادت كفرعقا بعض من حقوقها السياسية ودخلت الألقاب العثمانية اليها وأصبح لها شيخ صلح أسوة ببقية القرى الأساسية في الكورة بحيث باتت وبحسب المؤرخ أسد رستم القرية الرابعة في الكورة بعد أميون (مركز القضاء الصيفي) ، انفة (مركز القضاء في الشتاء) و كوسبا. في اول دورة انتخاب بعد بروتوكول ١٨٦٤ إنتخبت الشيخ ناصيف نعمة كأول شيخ صلح ليمثل كفرعقا في انتخاب نواب قضاء الكورة.

و بعد مقارنة تاريخ المخطوطة المحفوظة في منزل الاستاذ حنا نعمة و تاريخ المخطوطات و الوثائق المحفوظة في منزل السيد رفيق حبيتر يتبين بأن الشيخ ناصيف نعمة استمر في مهام المشيخة حتى سنة ١٨٨٨ حيث تم انتخاب الشيخ طنوس حبيتر شيخا لكفرعقا و استمر في مهامه حتى سنة ١٩٠٧ حيث انتخب الشيخ مخائيل إبراهيم بو فرح “شيخ صلح” بلدة كفرعقا و إستمر في مهامه حتى بداية الحرب العالمية الأولى و يعتبر آخر شيخ صلح لكفرعقا.

حسب المخطوطات و الوثائق المحفوظة في منزل السيد رفيق حبيتر فقد انتخب الشيخ جرجس حنا فياض مختارا لكفرعقا بعد بروتوكول ١٨٦٤ و حسب ٳبراهيم بك الأسو فقد خلفه في بداية القرن العشرين الشيخ نقولا فياض. اما بالنسبة لتبوء مراكز و وظايف حكومية فقد تولى في نهاية القرن التاسع عشر الافندي خليل نصر مطر مسؤولية مدير “ناحية قناة في متصرفية جبل لبنان” التي كانت تضم اثنين وعشرين قرية و ورد اسمه و إسم الأفندي نجيب بولس كرجال قانون حسب اللوائح العثمانية في طرابلس بالاضافة الى ذلك ورد إسم الأفندي حنا الخوري كموظف حكومي في طرابلس.

اما بخصوص المستوى العلمي فقد ذكر قنصل روسيا بتكوفتش سنة ١٨٦٢ في “كتابه لبنان واللبنانيون” أن عدد الذكور البالغين في كفرعقا كان ٢٢٧، بينما عدد الطلاب كان ٢٩ طالبا. وبناء على مخطوطة كتبها الشيخ ناصيف نعمة و نشرها الدكتور حنا ساسين في كتابه كفرعقا وتطورها عبر التاريخ, فإن عدد المتعلمين في كفرعقا لم يتجاوز الخمسين قبل بداية القرن العشرين.

في سنة ١٩٠٦ ٳنتخب أول مجلس بلدي وضم حسب ٳبراهيم بك الأسود كل من خليل أفندي بولس رئيساً والأعضاء ناصيف فياض ووهبة مطر وسابا سليمان وطالب طنوس وسليم الياس . بحسب الوثائق المحفوظة في منزل السيد رفيق حبيتر فان الافندي يعقوب بولس كان رئيس بلدية كفرعقا قبل الحرب العالمية الاولى.

تعرضت كفرعقا في أيام المتصرفية الأخيرة وأثناء الحرب العالمية الأولى الى مجاعة كبيرة فرضها الحصار العثماني على جبل لبنان. وقد هاجر العديد من أهلها هربا من الجوع والمرض والموت وبيعت الاراضي بابخس الاثمان إما للحصول على ثمن تذكرة للسفر او لسد رمق الجوع